أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

حالة سوريا:

مستقبل التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط

13 ديسمبر، 2018

حالة سوريا:

نظم مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" حلقة نقاشية بعنوان: "خريطة الفصائل المسلحة والإرهابية في سوريا: التحولات والسيناريوهات المستقبلية"، استضاف خلالها أ. أحمد كامل البحيري، الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، حيث ركزت الحلقة النقاشية على محددات مستقبل التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وخرائط تمركز التنظيمات الإرهابية في سوريا، ومستقبل تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، بالإضافة إلى مسارات انتقال المقاتلين الأجانب ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر الصراعات، وتحديداً في سوريا.

أولاً: محددات مستقبل التنظيمات الإرهابية 

أشار البحيري إلى وجود 5 محددات أساسية لمستقبل التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، تتمثل في البيئة الجغرافية والتركيبة الاجتماعية المحيطة بمناطق تمركز هذه التنظيمات، والبيئة السياسية، والمنطلقات الفكرية والبنية العقائدية والتنظيمية، والتنافس والصراع التنظيمي، إضافة إلى التعاون المعلوماتي والتنسيق الأمني بين الدول لمواجهة هذه التنظيمات. ويمكن إيجاز هذه العوامل من خلال ما يلي: 

1- البيئة الجغرافية: تؤثر البيئة المحيطة بمناطق تمركز الجماعات الإرهابية على قوة هذه التنظيمات، فعلى سبيل المثال أدت حالة التهميش المتعمد للعديد من المناطق السنية في العراق وسوريا إلى تحول بعضها لحواضن اجتماعية لجماعات متطرفة مثل "داعش".

2- الأوضاع السياسية: تتصاعد قوة الجماعات الإرهابية مع تزايد الاضطرابات السياسية والإقليمية، وهو ما حدث عقب الاحتجاجات العربية في عام 2011. 

3- المنطلقات الفكرية: تؤدي زيادة درجة المرونة التنظيمية إلى تصاعد احتمالات الارتباط العقائدي والتنظيمي مع جماعات إرهابية أخرى، وهو ما ينطبق على حالة تنظيم "القاعدة" الذي استطاع تشكيل تحالفات عابرة للحدود. 

4- التنافس والصراع التنظيمي: يؤثر التنافس والصراع داخل التنظيمات الإرهابية على قدرتها على البقاء والتمدد، إذ يتسبب في إضعافها من الداخل. وفي المقابل، يؤدي تماسك التنظيمات الإرهابية وغياب الانقسامات الداخلية إلى تصاعد وتيرة عملياتها الإرهابية، وهو ما يزيد من تهديداتها للأمن والاستقرار

5- التنسيق الأمني: يؤدي التنسيق الأمني والمعلوماتي بين دول الإقليم والقوي الكبرى إلى تزايد احتمالات القضاء على التنظيمات المتطرفة. أما غياب وضعف هذا التنسيق والتعارض في مصالح القوى الإقليمية والدولية، فإنه يترتب عليه تصاعد قدرة هذه التنظيمات على البقاء والتمدد الإقليمي.

ثانياً: خريطة التنظيمات الإرهابية في سوريا

تطرقت الحلقة النقاشية إلى التحولات في خريطة التنظيمات الإرهابية في سوريا والتغير في بنية هذه التنظيمات، وتمثلت أهم التنظيمات الإرهابية في سوريا، وفقاً للمتحدث الرئيسي، فيما يلي:

1- "هيئة تحرير الشام": قامت "جبهة النصرة" بتغيير مسماها إلى جماعة "فتح الشام"، ثم أعلنت لاحقاً في عام 2017 الاندماج مع حركة "نور الدين الزنكي"، و"لواء الحق"، و"جبهة أنصار الدين"، و"جيش السنة"، ليتم تكوين جماعة إرهابية جديدة تعرف باسم "هيئة تحرير الشام". بيد أن هذه الهيئة قد عانت مؤخراً من ضعف التماسك وتصاعد الانشقاقات التنظيمية.

وفي هذا الصدد، أشار الحضور إلى أسباب تغيير "جبهة النصرة" لمسماها، والتي تتمثل في رغبة التنظيم في إزالة نفسه من التصنيف الدولي للمنظمات الإرهابية، وتسهيل انتقال عناصر التنظيم لدول أخرى مثل تركيا في حالة اندلاع معركة إدلب، وهو ما أدى إلى انقسام التنظيم إلى فريقين، أحدهما يعارض تغيير الاسم بزعامة "أبو قتادة الفلسطيني"، والآخر يؤكد على ضرورة التمتع بالمرونة وعدم التمسك بالاسم بقيادة "أبو محمد المقدسي".

2- "تنظيم حراس الدين": عقب انحسار تنظيم "داعش"، أطلق عدد من القنوات الإعلامية المناصرة لتنظيم "القاعدة"، في أبريل 2018، نداءً لتوحيد جهود الفصائل السورية الموالية لزعيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، وعلى رأسها: "هيئة تحرير الشام"، و"تنظيم حراس الدين"، و"جماعة أنصار الإسلام"، و"أنصار التوحيد"، و"أجناد القوقاز"، و"الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام". ومع تعثر المفاوضات مع "هيئة تحرير الشام"، اتجه "تنظيم حراس الدين" لاستقطاب العديد من التنظيمات الأخرى مثل: "تنظيم أسود التوحيد"، و"تنظيم أنصار الحق"، و"تنظيم أبناء الشريعة"، كما أنه يسعى لاستقطاب الجناح المعارض بـ "هيئة تحرير الشام". 

3- "جيش الفتح": تشكلت هذه الجماعة في مارس 2015 عقب الانتصار في معركة وادي الضيف ومعسكر الحامدية، وقد تمكنت من توسيع نفوذها في إدلب. 

4- "حركة أحرار الشام": ينحدر معظم أعضاء هذه الجماعة من أصل سوري، وتشمل مجموعة من الكتائب مثل: "كتائب أحرار الشام"، و"حركة الفجر"، و"جماعة الطليعة الإسلامية"، و"كتائب الإيمان". 

5- جماعات تابعة للجيش الحر: تتمثل أهم هذه الفصائل في جماعة "فيلق الشام" التي تتبع بشكل جزئي "الجيش الحر"، كما قاتلت جماعة "صقور الشام" إلى جانبه.

6- "جند الأقصى": كانت تُعرف سابقاً باسم "سرايا القدس"، وتقاتل كفصيل تابع لـ "جبهة النصرة" إلا أنها انشقت عنها لاحقاً بسبب خلافات حول العداء لتنظيم "داعش"، وتضم هذه الجماعة عدداً كبيراً من الأطفال. 

7- "جيش السُنة": تم إنشاء هذه الجماعة نتيجة الاندماج بين مجموعة من الجماعات المتمردة التي ينتمي بعضها إلى الجيش السوري الحر، وتمركزت في حمص، وتقوم هذه الجماعة باستقطاب عدد كبير من الأطفال للقتال في صفوفها. 

ثالثاً: مستقبل تنظيم "داعش"

أشار البحيري إلى أن هناك 3 سيناريوهات أمام تنظيم "داعش" تتمثل في إعادة بناء التنظيم، أو إعادة التمركز في مناطق نفوذ بديلة، أو التشظي إلى جماعات إرهابية صغيرة، وأوضح هذه السيناريوهات فيما يلي:

1- إعادة بناء تنظيم "داعش": يُرجح البعض هذا السيناريو في ظل بقاء العديد من قيادات "داعش" على قيد الحياة حتى الآن، كما أن هناك كتلة لا يُستهان بها من مقاتلي التنظيم لازالت منتشرة داخل سوريا والعراق. ومن ثم قد يقوم "داعش" بإعادة تنظيم صفوفه وفرض سيطرته على بعض المناطق الرخوة في دول الصراعات.

2- التمركز في مناطق بديلة: قد تقوم بعض عناصر داعش بالبحث عن ملاذات بديلة في أيٍ من ولايات التنظيم مثل: ليبيا، أو اليمن، أو جنوب آسيا لاسيما وأن التنظيم لا يزال نشط في هذه المناطق، إلا أن تحقق هذا السيناريو مرهوناً بقدرة قيادات التنظيم على الانتقال إلى هذه المناطق في ظل الرقابة الأمنية المحكمة، كما أن عدم وجود حواضن اجتماعية لداعش في مناطق ولاياته قد تمثل عائقاً هاماً أمام تحقق هذا السيناريو وفقاً للمتحدث الرئيسي بالحلقة النقاشية.

3- تفكك "داعش": يتمثل السيناريو الثالث في تشظي التنظيم وتفككه إلى جماعات إرهابية صغيرة، وقد تقوم هذه الجماعات بشن هجمات إرهابية بدائية، والقيام بعمليات انتحارية، وزرع العبوات الناسفة مما يهدد الأمن والاستقرار في الدول التي تتمركز بها. 

رابعاً: مستقبل تنظيم "القاعدة" 

توقع البحيري أن يشهد تنظيم "القاعدة" تغيراً جذرياً في أسلوب التنفيذ، بحيث يميل لتبني النمط "الداعشي" في عملياته، في مقابل تغيرات محدودة في عقيدته الفكرية فيما يتعلق بأولويات القتال، وهو ما أوضحه كالتالي: 

1- الاستراتيجية اللامركزية: قد يتجه تنظيم "القاعدة" إلى اتباع استراتيجية لامركزية في التعامل مع فروعه، مع السماح بظهور أكثر من تنظيم "قاعدي" داخل الدولة الواحدة، على أن يقوموا بالالتزام بقواعد عدم الاشتباك، وعدم التمدد إلى مناطق سيطرة الفصائل الأخرى التابعة لـ "القاعدة".

2- "قاعدية الفكر، وداعشية التنفيذ": قد يشهد تنظيم "القاعدة" اتباع النمط "الداعشي "في العمليات الإرهابية بسبب احتكاك العديد من مقاتلي "القاعدة" بعناصر "داعش"، مما سيؤدي لإعادة هيكلة تنظيم "القاعدة"، إذ سيغلب الطابع "الداعشي" على نمط مواجهاته المسلحة مع الحفاظ على منطلقاته الفكرية الرئيسية.

3- تغير أولويات القتال: ثمة توقعات بأن تتغير أولويات القتال لدى "القاعدة" من حيث طبيعة العدو المستهدف، ليصبح العدو البعيد أولى بالقتال من العدو القريب، ثم الخوارج والتنظيمات التي تتبع أسلوبي التكفير والقتال، مع الابتعاد عن تكفير المجتمع الذي كان سائداً لدي تنظيم "داعش".

وفي ختام الحلقة النقاشية، أشار الحضور إلى أن المعضلة الأكبر تظل في تواجد عدد كبير من المقاتلين الأجانب في سوريا، منهم على سبيل المثال المقاتلين الأوزبك الذي انضم بعضهم إلى "هيئة تحرير الشام"، و"كتيبة التوحيد والجهاد" التي يتكون معظمها من مقاتلين قادمين من دول الاتحاد السوفيتي، والطاجيك، وعناصر من إقليم تركستان غربي الصين، بالإضافة إلى جماعتي "جند الشام" و"أجناد القوقاز" اللتين يتواجد بهما عدد كبير من المقاتلين الشيشان، فضلاً عن المتطوعين من قومية "الإيجور" بالصين.

وفي حالة تسوية الصراع الراهن في سوريا، سيصبح أمام هؤلاء المقاتلين 3 خيارات، وهي: إما التسلل إلى خارج سوريا والانتقال لبؤر تمركز بديلة، أو إعادة التموضع في الداخل السوري في مناطق جديدة، أو العودة إلى دولهم، وهو ما يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في هذه الدول.